موقع الشاعر منصور محمد دماس مذكور

 

1

جرح و بلسم

            .. الانتخابات ولائحة الأندية الجديدة

             *****************************

اتصل بي أكثرُ من صديق يُرَغِّبُ لي التسجيل لانتخابات المجالس البلدية حين انطلاقتِها في دورتها الأولى فلم أستجبْ لرؤيةٍ قد تكون خاصةً وقد يشاركني فيها كثير فكتبتُ حينها قصيدةً بعنوان [صدى من  الانتخابات] منها

تثاءبتْ خيْلي فعفَّ الطَّلبْ

                      لا ناخباً أرجو ولا مُنتخبْ

من كُثْرةِ الوُرَّادِ لا مورداً

                     عذبٌ وبالأخلاطِ لا منتسبْ !

تشابه الأمران لم ندْرِ مَن

                    معدِنُه صفرٌ ومَن مِن ذهبْ !

كم قاصدٍ رأسْاً فلما دنى

                     من نَهْجِه لمْ يلقَ إلاَّ ذنَبْ !

ومُسبغٍ بالفوز أيامَه

                  أُنْساً وما فاز سوى بالتَّعبْ !

دهشتُ حتى قلتُ من دهشتي

               هذا هو السُّخفُ وعينُ العَجَبْ  !!                  

تبتسمُ الدُّنيا فمَنْ ظنَّها

                   سوى ذئابٍ ضارياتٍ كذَبْ

نظْراتُها الحولاءُ  كمْ أهلكتْ

                      هوى ومن تزْيفها كم ندَبْ !!

ثم أتبعتُها بمقالٍ بعنوان [لستُ بناخبٍ ولا منتخب] فنَّدتُ فيه ذات الرؤية إذا جاء فيه الآتي                

*لقد تابعتُ وضع الانتخابات في معظم الدول العربية ولإسلامية وبعض دول العالم الأخرى وكم كنتُ متعجِّبأً من الهتافات الصاخبة وعبارات التأييد والمدح والقدح!!

وما عجبي من ذلك إلاَّ لأنَّي أعتقد أنَّ ما شاهدته وأشاهده من ضجيجٍ وجعجعة ومنافساتٍ حارة ما هي سوى أبواقٍ لا أصداءَ لها مثمرةٌ الثمرةَ المطلوبة ولا فاعلةٌ بالإيجابية التي يتوخَّاها أهلُ الألباب من النَّاس وذلك في اعتقادي أنَّ من يجب أن يكون في الميدان قد رُشُّحَ من قبل وما الفعاليات السَّابقة للترشيح سوى تبريرٍ مُمَوِّهٍ لصَرْف غضب عامة المجتمع بل إقناعٍ مُغلَّفٍ لذوي الاعتراض الذين لا يحسنون سواه!

وأكرُّر مرة ثانية فأقول: رغم اقتناعي بمشروع الانتخابات- لو صارت على طريق سليم لاعوج فيه- ورغم اعترافي بأنَّ ثمَّة من سيُرشِّحُ نفسَه وهو أهلٌ للتَّرشيح ورغم اعترافي بــأنَّ من النَّاخبين  شخصياتٍ عادلةً منصفةً ومتَّزنةً أكرِّرُ فأقول : ما عجبي إلا لأنني عرفتُ من الماضي  أنَّ أهل الحلِّ والعقد – وهم أصحاب العقول الرَّاجحة والنظرات الثاقبة- هم من يُوكلُ إليهم ويُسَلَّم لهم مصير الشعوب والمدائن وهم من يجتمعون لحلِّ المعضلات وهم من يرشِّحون ويختارون !.

ومع يقيني على أننا في زمن تنحصر فيه الأمانةُ في القليل وتعتلي فيه كلمةُ الأنا ويستملك فيه حبُّ الذَّات كلَّ جميلٍ في هذه الحياة أعتقد أنَّ الخير ما زال موجوداً وإنْ قلَّ أهلُه وأنَّ لله تعالى في خلقه شؤون لكنني أرى إذا كان لابد من الانتخابات التي أصبحت هاجسَ المجتمع في هذه الأيام

أولاً/ يجب أنْ يكون مشروع الانتخابات صادراً من الحرص على إرضاء الله سبحانه وتعالى ثم لصالح الوطن والمواطن أولاً وأخيراً

ثانياً / أنْ تكون الاستقامة الصادقة والأمانة العارفة من أهم العناصر الأساسية لاختيار اللجنة  التي ستتولى تسجيل الناخبين والمنتخبين وذلك لأن مصير المنتخبين في يدي أعضائها وبنزاهتهم البعيدة عن الأهواء باختيارهم البعيد عن الأهواء -أيضاً – سيأتي إن شاء الله تعالى – الترشيح عادلاً وصادقاً ولا نملك بعد ذلك إلا أن نقول إن محبَّة خلق الله عنوان لمحبة الله تعالى في أرضه .

ثالثاً/  حبذا استبعاد بعض المتقدمين لاختيارهم منتخبين وذلك بتطبيق الجرح والطعن قبل إعلان أسماء المرشَّحين منتخبين لأنَّ  من طلب الإمارة لا ينالها أو لا يولاَّها [قاعدة حبذا لو يُعْملَ بها] فكم من المنتحبين اشترى أصوات الناخبين بأمواله لا بأخلاقه وأعماله وكم سارت السفينةُ على غير ما يطلب الواقع ويحتاج المجتمع بأناس قدموا أنفسهم فظنَّ المسؤولون فيهم خيراً فحلَّ التَّلاعبُ بمصالح الوطن والمواطن بهم محلَّ الرِّعاية والحفظ فترة ليست بسيطةً من عمر الزمن !!.

رابعاً/ إذا كان لابدَّ من اختيار العدد المطلوب من المنتخبين فأرى – مع اعتقادي أن رأي لا يقدم ولا يؤخر – أن يكون المؤهل عِلْماً ومعرفةً وخبرةً أولى بالتَّرشيح والاختيار فكم نحن في حاجة إلى القدرات الفنية المؤهلة  وذلك لأن غير المؤهل تكون خطواته – غالباً- قصيرة قاصرة

يروى أنَّ الصحابيَّ الجليل خالد بن الوليد قال: أو بمعنى ما قال: لأحد فقهاء الصحابة رضي الله عنهما في فتح من الفتوحات الإسلامية [أمَّا ما يتعلق بالحلال والحرام فهو لك وأما ما يتعلق بالحرب والمكيدة فهذا من شأني]

أخيراً إن شطَّ يراعي ألتمس العذر من النفوس الطامحة للانتخاب ولن أكون ناخباً لأنَّ صوتاً واحداً كصوتي لا يقدم ولا يُؤخِّر ولن أتقدم لأكون منتخباً لأنَّ ثمَّة أموراً تتعلق بالمنتخب لا أحسنُها وثمَّة أشياءُ يطلبها المجتمع لا أستطيع الوفاءَ بها.

 وبعد فترة قررت وزارة الثقافة مشروع الانتخابات –أيضاً- لمجالس إدارات الأندية الثقافية وفي دورتها الأولى اتصل- بي- أكثرُ من صديق لأكون عضواً في الجمعية العمومية فلم أستجبْ لذات الرؤية فرأى بعضُ من أحترمهم -لأنَّ لهم مكانةً في نفسي- أنَّ عدم مشاركتي يعتبر هروباً من الواقع السَّاري في الأندية الثقافية خاصة والسَّاحة الأدبية عامة وهم مصيبون لكنني لم أستجب وأنا متمثلٌ بقول  أبي معن بن زائدة

ويعلم النَّاسُ أني من سراتهمُ

                  إذا سما بصرُ الرَّعديدِ بالفَرَقِ

 ومضى الوقت بدورتهم الأولى ليقربَ موعد الدورة التالية وليشتدَّ إلحاحُهم المغري بالاشتراك عضواً عاملاً في الجمعية العمومية بل شرفتُ بزيارةٍ كريمةٍ لأخٍ كريم - من أعضاء نادي جازان- في منزلي شهماً عزيزاً يحمل لائحة الأندية الجديدة وخطاباً للاشتراك مع استمارة عضوية الاشتراك عاملاً في الجمعية العمومية فكان لأخلاقه المتأصلة وأسلوبه الرَّاقي جذبٌ أغراني بالموافقة ثم دار بينا حديث عن بعض ما يجري في الساحة الأدبية وخلاله شكرت زميلي الزائر ورجوت أن يكون اشتراكي في جمعيتهم العمومية خيرا وما لي بعد توديعه مباشرة سوى الاطلاع على محتوى اللائحة -لأكونَ ناخباً- إن شاء الله- لمن أرى صلاحه- وفعلا حاولتُ بشغفٍ معرفة المحتوى ففوجئت بتناقضٍ أشدِّ خللا من تناقض اللوائح السَّابقة فتذكرتُ قول الشاعر

وما مرَّ يومٌ أرتجي فيه راحةً

               فأخبُره إلاَّ بكيتُ على أمسي

وأبرز ما لاحظت في اللائحة الجديدة الآتي

أولا /بدأ التناقض في اللائحة بتعريف النادي حيث عُرِّفَ [بمؤسسة ذات شخصية مستقلة ماليَّاً وإدارياً تعنى بالأدب والثقافة] وفي هذا التعريف إيحاء بأن إشراف الوزارة سيكون سلبياً بينما يفيد محتوى الفقرة التاسعة [من مادة مالية النادي] بإيجابية إشراف الوزارة إذْ يوحي بأن النادي ليس مؤسسة مستقلة وذلك بتحديد مكافآت الهيئة الإدارية وكذلك تحديد مكافأة المكلفين بمهامٍ وحصر المهام في عدد معين في السَّنة كل ذلك وغيره من الفقرات التي تفرض على مجالس إدارات الأندية التَّمشِّي بها إلزاماً يشير إلى عدم الاستقلالية حتى وإن اعتبرناه ترشيداً أو خطة موحدة تسري على كل الأندية ويؤكد عدم الاستقلالية- أيضاً نص [المادة الثالثة والثلاثين المعتمد للأمور الطارئة] حيث جاء في المادة المذكورة   [ إذا طرأ أمرٌ لم تنص عليه هذه اللائحة يكون للوزير صلاحيةُ اتِّخاذ القرار المناسب بشأنه وفقاً للأنظمة النَّافذة وحسب مقتضيات المصلحة العامة] وهنا أقول: عرفنا مقتضيات المصلحة العامة أما الأنظمة النافذة فلم نعرفها لأنه ليس في اللائحة ما يوضح هذه الأنظمة النافذة وأؤكد فأقول: إنَّ في هذا وذاك ما يؤكد على عدم استقلال الأندية وفقا لما جاء في الفقرة المذكورة

ثانياً/الفقرة الثانية من المادة الرَّابعة المفنِّدةِ أهدافَ الأندية تعارض الفقرة الثالثة من المادة السادسة حيث تنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة على [أنَّ نشر الأدب باللغة العربية الفصحى هدفٌ أساسيٌّ]

وهذا الهدف يقف سداً أمام ترجمة الأدب السعودي إلى اللغات الأخرى التي تضمن للأديب السُّعودي الانتشار  

وورد - في الفقرة الثالثة من المادة السادسة-[ أن يكون العضو العامل حاصلا على مؤهل علمي باللغات وآدابها] وهذا وإن كان    يعارض الفقرة الثانية إلا أنَّنا نقول.. ليته يكون أساسياً ويُعمَلُ به بوعي مدرك فحوى انتشار الآداب وذلك لأنه سيفتح درباً واسعاً للأدب والأدباء السعوديين عن طريق الترجمة لللغات الأخرى العاملة أو المشاركة في الأندية الثقافية إذْ من الملفت للنظر أنَّ معظم شبابنا المثقفين يعرفون عن شكسبير وبوشكين  وفولتير ويوهان وغيرهم  أكثر من معرفتهم بحسان وكعب وأبي الطيب وأبي تمام وغيرهم ونلاحظ عكس ذلك من أدباء اللغات الأخرى إذْ لا يعرفون من الأدب العربي السعودي سوى اليسير اليسير.

لذا أرى أن الفقرتين متضادتان وأنَّ استبعاد اشتراط السَّعودة في عضوية العامل أسلم لاعتبار رابطةِ الأدب جامعةٍ بين الأجناس وإن اختلفوا في الجنس واللون إذْ لو فتحنا المجال للمثقفين العرب المقيمين في المملكة فقط لتحقق انتشار الأدب السعودي لللغات الأخرى فكيف لو اتسع المجال لغير العرب من المثقفين في المملكة؟وفي هذا وذاك ما يوسِّعُ دائرةَ العاملين والمشاركين في الأندية ويفتح لها باب استثمار الفكر والأدب والمال واسعا أيضاً

ثالثاً/ ألا يرى من اطّلع على اللائحة – مثلي- أن اشتراط مؤهل علميِّ يتصل باللغات بدون استثناء يقلل من قيمة الأدب الحقيقي  فليس كل من حصل على مؤهَّلِ لغةٍ يكون أديباً أو باحثاً وذلك لأن الأدبَ موهبةٌ والبحثَ ولعٌ وحبُّ استطلاع وقد يجمع الأديبُ شاعرا أو كاتباً بينهما لذا أرى ألاَّ ينتمي للأندية سوى من كان ذا لغة موهوباً أو باحثاً وكفى أمَّا اشتراط إصدار الكتاب أو الكتب النظامية في العضو العامل أو المشارك فلا اختلاف فيه.

رابعاً/ ورد في الفقرة الثالثة من المادة الثالثة عشرة- [ إنهاء العضوية وتعليقها]- ما يخوِّل للأندية إنهاء عضوية العامل أو المشارك إذا تأخَّر عن سداد رسوم الاشتراك بعد إنذاره .وأعتقد جازماً أن هذا القرار ليس مصيباً في حق الأدباء حقَّاً لما يأتي

أ‌-     قد يكون العضو في سفرٍ مفروضٍ بمرض أو مرافقةِ مريضٍ أو لسياحةٍ ولأن الأندية تضاف للأدب ينبغي أن تكتفي بتذكير الأديب بطريقة مؤدبة وما ذلك إلا لأنَّ إنهاء عضويته أو تعليقها لا تليق به ولا تليق بالأندية إذا استغل بعض أعضائها هذه الفقرة سلاحاً [لتصفية حسابات] أو نحوها وما يلاحظ من خلاف أو عراك  بلا حراك من بعض منسوبي الأدب يشير لهذا ويوجب النظر في هذه الفقرة من المادة المذكورة

ب - يعرف المتابع ما يعاني الأدباء وما يبذلونه من جهد ومال للارتقاء بالأدب وتقديم ما يبني الإنسان والمكان وهم بهذا ينتظرون من يعينهم ليكون عطاؤهم مستمراً وإسهاماتهم الأدبية والفكرية أكثر نفعاً لذا قد يكون تنفيذ قرار الإلغاء أو التعليق   سبب إحباط أو نظرة غير محببة للأندية والقائمين على إدارتها بل للقائمين على إدارة الثقافة من الأوج إلى القاع وقد يتمثل من يجري في حقه إلغاءٌ أو تعليقٌ بقول القائل:

يا معرضاً عني بوجهٍ مدبرٍ

             ووجوه دنياه عليه مقبلةْ

هل بعد حالك هذه من حالةٍ

         أو غايةٍ إلا انحطاطِ المنزلةْ

خامساً/ ميزت اللائحة العضو العامل بحقيْن لم تمنحْهما العضو المشارك وهما

أ‌-     الترشيح لعضوية مجلس الإدارة

ب - انتخاب أعضاء مجلس الإدارة

كما جعلت فارقا بينهما في الرسوم حيث فرضتْ مائتي ريال رسوم العضو العامل ومائة ريال رسوم  المشارك وأعتقد أنها لو منحت هذيْن الحقيْن العضوَ المشارك إذا كان ذا موهبة أدبية صادقة لا موهبة مزيَّفة صنعتها المصالح حتى إذا لم يصدر مُؤلَّفاً ولم يحمل مؤهلا لغوياً واستبعدت من سواه لضاعفت أصوات انتخاب مجلس الإدارة ولشجَّعت الموهوبين على التأليف وساهمت في نمو الإدراك وإظهار المواهب.

سادساً/ جاء تعريف الجمعية العمومية في اللائحة [بأنها مجموعة من الأعضاء العاملين والمشاركين في النادي السَّارية عضويتهم وهي التي تشرف على ما يرسمه مجلس الإدارة من سياسات وبرامج وأنشطة وتراقب تطبيق اللائحة] وفي هذا التعريف ما يوحي باستبعادها من التخطيط واقتصار عملها على الإشراف والمراقبة وكأن من صاغ هذا التعريف يريد أن يخوِّل للجمعية العمومية إقرار قرارات مجلس الإدارة أو رفضها فقط.

ويؤكد هذا ما جاء تعريفاً لمجلس الإدارة إذْ عُرِّفَ بأنَّه[ الجهة المناط بها إدارة شؤون النادي ويقوم بتحقيق أهدافه وتنفيذ قرارات الجمعية العمومية] ولو تأمل من صاغ التعريفين بهذا الأسلوب لوجد فيهما ما يفتح درباً للصراع والاختلاف والخلاف لا ينتهي وذلك لأن مجلس الإدارة يريد أن يفرض هيمنته كونه القائم على شؤون النادي وهو الذي يخطِّط ويقرِّر والجمعيةُ العمومية تريد أن تمارس صلاحيتها فهي التي تشرف وتراقب ثم ترفض القرارات أو تؤيدها وكأنَّ من وضع التعريفين إمَّا أنَّه يريد إشعال الساحة الأدبية بالمهاترات الأدبية أو المناوشات الأدبية العديمة الثمار أو يريد أن تسير الأندية الأدبية في دائرة تنتهي دائما بطرفها الأول بعيدة عن التَّطور والأدب الجادِّ المثمر بل أين من وضع اللائحة من الطموح المُتوثِّب والمتوقع من ازدهار وتقدِّم للبلاد متدرجٍ برؤية المملكة 2030م؟

لذا أقول : إنَّ التعريفيْن لا يشيران إلى غرق السفينة لكثرة الرُّبان لكن أقول لو أُسْنِدت الخِططُ  والقرارات لجهةٍ واحدة فقط - ومجلس الإدارة الأحق بها- وانحصرت صلاحية الجمعية العمومية في ما يوكلُ لها من مهام يمليها المجلس وفي إبداء الرأي الصالح وانتقاد القرار الخاطئ بالأسلوب الأمثل من الذين تؤهلهم عقولهم وآدابهم ونضوجهم المحيط المدرك ما يفيد وما لا يفيد وكان للوزارة دورٌ فاعلٌ متابعٌ بإشرافٍ مستمرٍّ وحَسُنتْ نياتُ المنتمين للأدب والأندية  لتلاشتْ الخلافات والاختلافات وسارت السفينة بأمان.

سابعا/تضمنت المادة الثانية عشرة من اللائحة نظامية اجتماع الجمعية العمومية فأوجبت حضور أكثر من نصف الأعضاء لانعقادها فإذا لم يحضر العدد المطلوب يؤجل لفترة لا تزيد على ثلاثة أشهر لينعقد الاجتماع المؤجل بحضور أكثر من ثلث الأعضاء فإذا لم يتوفر العدد المطلوب يُؤَجَّلُ المؤجَّل لموعدٍ على ألاَّ يتجاوز الشهر ويكون الاجتماع بحضور عشرين عضواً وفي حالة عدم اكتمال النِّصاب يُحدّدُ موعدٌ رابٌ ويكون الاجتماع نظاميَّاً فيه بحضور عشرة أعضاء بشرط أنْ يضمَّ ستةً من أعضاء مجلس الإدارة وإلى هنا ينتهي التسلسل ولا أدري إذا لم يحضر العشرة أولم يكن منهم ستة من أعضاء مجلس الإدارة ماذا يرى من تفنن في طرح رؤيته هذه ليتلف أعصابنا؟                                 لقد ذكَّرني هذا التَّسلسلُ الموجبُ اجتماعَ الجمعية العمومية نظامياً بذلك السائل الذي وقف على باب يسأل فقال له: أهل الدار يفتح الله عليك فقال: كسرة فقالوا ما نقدر عليها قال: فقليلٌ من برٍّ أو فول أو شعير قالوا:لا نقدر عليه قال: فقطعة من دهن أو قليلٍ من زيت أو لبن قالوا: لا نجده قال: فشربة ماء قالوا: وليس عندنا ماء قال: فما جلوسكم هنا؟؟

أليس الأمثل للوزارة وللأندية ولأعضائها جميعاً أنْ يعقدوا الاجتماع ويعتبر نظاميًّا في موعده المحدَّدِ بالحاضرين من الأعضاء بدون تأجيل بل ويعاقبون المتأخِّرين من أعضاء مجلس الإدارة بحرمانهم من مكافأة الاجتماع لعدم حضورهم  ويعاقب من تكرر عدم حضوره بدون عذرٍ سواءً كان من أعضاء مجلس الإدارة أو من أعضاء الجمعية العمومية  بإلغاء عضويته بدون تردُّد إذا لم يتقدَّم بعذر مقنع؟

ثامنأ/ عند قراءتي المادة الحادية والعشرين [ الاجتماعات الاستثنائية للجمعية العمومية] قلت في نفسي- قبل مواصلة القراءة – لا بد أن تكون هذه الاجتماعات جديَّة لأنَّ موجب الحالات الاستثنائية يكون - في الغالب- مُهِمَّاً. ثمَّ واصلت القراءة لأضع يدي على رأسي وذلك لأن نص هذه المادة لا يختلف عن نصِّ المادة الثامنة عشرة بما ورد فيه من تراخٍ وعدم جدِّيَّة حيث جاء في المادة المذكورة ما يأتي

[يجوز أن تعقد الجمعية العمومية اجتماعاً استثنائياً في الحالات التالية]

1- [بناءً على طلب مجلس الإدارة بشرط موافقة ثلثي أعضائه] وهنا أقول: يا سبحان الله لماذا لا ينعقد إلاَّ بموافقة ثلثي أعضائه؟ فكم أخْطَأ جماعةٌ وأصاب واحد                                   أليس إن كان الموجب مُهِمَّاً ودعا للاجتماع أقلُّ من ثلثي الأعضاء تصبح الاستجابة لعقد الاجتماع واجبة نفياً للبس ومنعاً للاختلاف الذي لن ينقطع سوى باجتماع مقنعٍ ينهي سببه أفضل؟

2-  [بناءً على طلبٍ موقعٍ من عددٍ لا يقل عن ربع الأعضاء العاملين في الجمعية متضمناً تحيد المواضيع المراد مناقشتها] وأقول هنا أيضاً: سبحان الله لماذا لا يقلُّ موقِّعو الطلب عن ربع الأعضاء العاملين وأقول هنا أيضاً: أليس إن كان الموجب ذا أهميِّةٍ ووقع للاجتماع أقل من ربع الأعضاء تصبح الاستجابة لعقد الاجتماع واجبة نفياً لَّلبس ومنعاً للاختلاف الذي لن ينقطع سوى باجتماع مقنعٍ ينهي سببه أسلم؟

3-  [بناءً على دعوة من الوزير ويكون الاجتماع نظاميَّاً بحضور عددٍ لا يقل عن أحد عشر عضواً بشرط أنْ يكون ستةٌ من أعضاء مجلس الإدارة] وأقول هنا: إذا لم يحضر ستة من أعضاء مجلس الإدارة قاصدين استمرار ما أوجب دعوة الوزير ليخدم مصالحهم الشخصية ومآربهم السيئة أو لم يحضر مكملو العدد من أعضاء الجمعية متواطئين مع بعض أعضاء المجلس لمصالح مشتركة فماذا يرى من أجهدوا أنفسهم في هذه اللائحة بدون نظرٍ دقيق لأَبْعَاد المواضيع التي قد تجعل من الخلاف خلافات ومن الخطأ أخطاء؟.

أخيراً لا أنكر أنَّ واضعي اللائحة بذلوا جهداً لا يستهان به ويشكرون عليه لكنهم لم ويُفَّقوا في صياغة بعض مواد اللائحة وأرى أنَّ الأكثر خللاً ما نصتْ عليه المادتان الثامنة عشرة والحادية والعشرين إلاَّ أنَّي بكل احترام وتقدير أعذر زملاءنا الذين بذلوا جهدهم ووقتهم لإظهار هذه اللائحة لأني أعرف أنَّ الكمال لله العليم الحكيم وحده أما عباده فبشر كما يصيبون يخطئون وأعرف – أيضا- أن من وُضِعتْ لهم هذه اللائحة ليسوا أطفالاً بل زملاء من وضعوها ولا يقلُّون عنهمْ معرفةً وفهماً وأنهمْ وقفوا على كلَّ مادة من مواد اللائحة فعرفوا أقصاها وأدناها.

 وفي الختام أرجو الله العزيز الحكيم أن يهيأ للأدب في بلادنا-         [ مهبط الرسالة ومهوى الأفئدة وموطن أساطين البيان]- من يزيل العِثار ويُزين المسار وأقول: إن الأدب يقول:

عودوا لماضيكمْ تحلُّوا المُعْضِلةْ

               شطَّتْ لوائحُكمْ فما لي من صِلةْ

عودوا إلى الماضي بأعضاءٍ بنوا

                       أفكارَهمْ بأصالةٍ مُتأهِّلةْ

بصفاءِ خنذيذٍ ورؤيا جهْبذٍ

                     ومُفلِّقٍ يشدو فيسمو منزلةْ

وتَدَبَّروا عَصْفَ الشَّبابِ بحكْمةٍ

         ..بعضُ الخُطى نحو الهلاكِ مهرولةْ

تتعدَّدُ الطُّرقاتُ في أنظارهمْ

               والاشتهار يُزينُ درْبَ المشْكِلةْ

لم يعرفوا أنَّ النجاةَ بمسْلكٍ

                لا غيرَه ومن [الغبا] أن نجهلَهْ

ليس الأديبُ بهادمٍ ما شيَّد الـ

                 أسلافُ يرجو شهْرةً مُسْتَفْعَلَةْ

إنَّ الأديبَ الحقَّ يبني ناسَهُ

                      ولأصْلِهِ لا يسْتصيغُ مُضَلِّلَه

أمسى خصامُ البعْضِ بوحاً مخجلاً

               وطموحُهمْ جعل المحافلَ مهزلةْ

عودوا إلى الماضي لِنرْفعَ ما هوى

                     ينجو الأخيرُ إذا تقَطَّرَ أوَّلَهْ.

27/8/1437هــ

 

   
 
جميع الحقوق محفوظة للشاعر منصور محمد دماس مذكور
1426/2006
الرئيسية ترجمة الشاعر عالم الشعر عالم النثر من ثمار الخير راسلني