خلك في السرى

منصور محمد دماس مذكور   

 النظام ظاهرة من ظواهر حضارات الأمم، والنظام رمز من رموز الإتقان والحصافة، وهو سمة من سمات العقلاء وعلامة مفرقة بين الأعمال العشوائية والأعمال المرتبة وهو بهذه المفاهيم يشكل – غالباً– لدى مرهفي الحس سلوكاً لابد منه في حياتهم اليومية وفي تعاملهم مع الآخرين .

 أما عدم النظام فيعتبر عند المفكرين من مرهفي الحس خللاً له تأثيره في كثير من المشاهدات اليومية .
 إننا نشاهد كل يوم طوابير تقف أمام كنترول موظف الخطوط ولم يخل يوم من تصرف غير عاقل من بعض المراجعين بترك السرى وعدم اعتبار المنتظرين لمعرفة موظف قد يساعده على مخالفته الحمقاء فيلبي طلبه غير آبه هو أيضاً بمن ينظرون إليه من المراجعين بأعين انتقاص وسخرية وهو يودع صديقه الذي يغادر قائلاً بنظراته لجميع الملتزمين بالسرى [خليكوا في السرى]

 ونشاهد طوابير على ممكنة الصرف أو مكنة الصرف الآلي احتراماً للنظام ولا تخلو مشاهداتنا من مخلٍ بالنظام بإعطاء بطاقته أحد معا رفه - ممن قرب دورهم من الآلة- هامساً في أذنه بالرقم السري إن لم يعطه مع البطاقة مكتوباً في ورقة مصاحبة، وهما- للأسف- يقومان بهذا الدور غير مبالين بالنظرات الموجهة لهم من الملتزمين بنظام الصرف أما الأدهى من ذلك فما يجري أو ما يحدث من بعض موظفي البنوك من معاملة يخص بها بعض الزبائن فإذا ما رأى أحدهم أدخله وأعد له مقعداً بجواره ليجري له كل الأعمال التي يريدها بعد قضاء وقت غير يسير في رغي لا طائل من ورائه غير آبهين بالآخرين وغير مقدرين للردود الفعلية التي قد تفرز بعضها أخلاق بعض المراجعين في ذات الوقت .

 ومثل هذا التصرف يجري كثيراً في كثير من المكاتب ذوات العلاقات المختلفة بدون تقدير للعقلاء الملتزمين وبدون مبالاة بالردود الفعلية الناتجة عن تصرفات غير حضارية بل غير أخلاقية .

 أما ما يثلج الصدر فأن نسمع ونرى من يلوي هذا التصرف بوسيلة ردع قوية فيها عبرة لمن ينوي تصرفاً غير لائق في سرى ما ليبقى في السرى معي ومع كل إنسان يرى أن النظام أساس حياة الشعوب فلا يحاول جاداً في ارتكاب الحماقات المرفوضة ولأساليب الممقوتة للوصول إلى غايات لا يستطيع بلوغها - حسب اعتقاد غير الأسوياء- بالأساليب المستقيمة والطرق السليمة .

 لكن أخي القارئ ألا ترى أن ثمة من ينتظرون سراهم من سنوات وما زالوا منتظرين بلا خطوات مبشرة ؟

 قال الشاعر

سأترك حبكم من غير بغضٍ ¤¤¤¤ وذاك لكثرة الشركاء فيــه
إذا وقع الذباب على طعــامٍ ¤¤¤¤ رفعت يدي ونفسي تشتهيه